يراقب الكثيرون بذهول انطلاق الانتفاضات في السودان والجزائر في الأشهر القليلة الماضية، متحدية موجة الثورة المضادة التي اجتاحت المنطقة إثر اندلاع الانتفاضات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ٢٠١١. ومن المفارقات أن تكون آخر زيارة دولية يقوم بها عمر البشير بضيافة بشار الأسد في سوريا، ليُظهر دعمه للنظام القديم المستمر والذي يبدو أنه نجا من العاصفة، ثم ليعود إلى انتفاضة تحدت كل شيء، من تدابير التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي إلى طبيعة الحكم الاستبدادية والأبوية. وبالرغم من انطلاق الاحتجاجات منذ عدة أشهر، لم تنتبه لها وسائل الإعلام الدولية إلاّ الآن، وهي تستمر بتجاهل عشرات آلاف المعلمين المحتجين في المغرب في الأشهر القليلة الماضية، وصعود وهبوط الموجات الثورية ودرجة القمع في المنطقة بشكل عام.

يعيد مستوى التطوّر في التنظيم في كل من الانتفاضتين السودانية والجزائرية الأمل في أن تتمكن موجة جديدة من الانتفاضات من تحقيق المطالب الأساسية للمسارات الثورية التي بدأت في العام ٢٠١١، في سعيها لتحقيق الكرامة والمساواة والحرية. وقد لعب/ت المغتربون/ات السودانيون/ات والجزائريون/ات دورًا مهمًا في نشر الثورة خارج الحدود الوطنية، داعين/ات جميع المقتنعين/ات بأممية الكفاح للانضمام إليهم/ن.

حتى كتابة هذا البيان، كانت الانتفاضة السودانية قد نجحت في خلع عمر البشير وتجريمه – وهو المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية منذ ٢٠٠٩. وبينما أجبر البشير على التخلّي عن السلطة، فشل خليفته، ملازم الجيش عوض بن عوف، في شغل المنصب لأكثر من ٢٤ ساعة. كما طالب المتظاهرون خليفة بن عوف، اللواء عبد الفتاح برهان، على الانسحاب والإشراف على عملية الانتقال إلى سلطة مدنية.

وكانت الاحتجاجات الجماهيرية في الجزائر قبل أقل من أسبوعين قد أجبرت عبد العزيز بوتفليقة على إعلان تنحيه عن منصبه وعدم ترشّحه لولاية خامسة، ليتم استبداله بحكومة مؤقتة تمثل صورة طبق الأصل عن نظام بوتفليقة القديم.

وهناك قناعة في البلدين بأن إطاحة رأس النظام لا تكفي، وتستمر الدعوات لاستمرار الانتفاضات وتجذّرها حتى إتمام التغييرات السياسية والاجتماعية الاقتصادية الأساسية لصالح الطبقات الشعبية، لتحل محل الأنظمة القديمة وحكامها تمامًا.

فقد تعلمت الاحتجاجات السودانية والجزائرية، من نضالاتها الثورية الماضية ومن الأنظمة المضادة للثورة المجاورة، أنها لن تحقّق التغيير الجذري ولن تصل للحقوق الديمقراطية والاجتماعية الاقتصادية سوى من خلال المقاومة الشعبية والمشاركة الجماهيرية والتنظيم الذاتي.

تنظر العديد من الأنظمة الديكتاتورية والقوى الإمبريالية الإقليمية والدولية إلى تطورات الانتفاضات الأخيرة بخوف، وتعتبرها تهديدًا لمصالحها وسلطتها. لذلك، قامت بالرد من خلال دعم قيادات الجيشين السوداني والجزائري وتشجيعهم على السيطرة. وإلى جانب هذه الدعوات، تقوم هذه القوى الإقليمية والدولية بالتحذير، بشكل مباشر أو غير مباشر، كم استمرار المسار الثوري وتجذّره.

نؤكد تضامننا المستمر مع الطبقات الشعبية السودانية والجزائرية، وفي المنطقة ككل. فكفاحها هي مصدر إلهام لجميع المقاتلين/ات من أجل تحرير وتحرر المضطهدين/ات حول العالم.

ومن هذا المنطلق، نحث المنظمات والشبكات اليسارية والتقدمية في جميع أنحاء العالم على التعبير عن تضامنها مع موجات الانتفاضات الجديدة في السودان والجزائر والمقاومة المستمرة في المنطقة. يمكن القيام بتنظيم الاحتجاجات في بلدانكم/ن أمام السفارات والقنصليات وممثليات الدولة، بالتنسيق مع المهاجرين/ات الثوريين/ات المتابعين/ات للانتفاضة، ويمكن الاستمرار بمتابعة الأحداث للتحرّك في مواجهة الحركات لمستويات أعلى من القمع.

خلال هذه الفترة الحرجة، لا يمكن ضمان نجاح الموجة الثانية من الانتفاضات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلاّ من خلال الضغط في الشارع داخل السودان والجزائر والمغرب وخارجها.

للتوقيع على البيان: https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLSd2lsgXbqtLArebWpBgCqfUV-cnV9Vm…