ندعم، في تحالف الاشتراكيين/ات في الشرق الأوسط، الاحتجاجات الشعبية في إيران ونطالب التقدميين/ات في المنطقة وجميع أنحاء العالم بالتضامن معهم/ن أيضا. ونعتقد أيضا أنه من الضروري القصوى بناء تضامن إقليمي وعالمي مع النضال المناهض للاستبداد من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة، ومعارضة النظام الأبوي والعنصرية والتمييز الطائفي والمعادي لمجتمع الميم. ونأمل أن تؤدي هذه الاحتجاجات في إيران إلى إجبار النظام الإيراني على سحب دعمه العسكري والمالي لنظام بشار الأسد الإجرامي في سوريا، وإنهاء تدخلاته الرجعية في المنطقة. ونأمل أيضا أن تُرفَض الجهود التي تقوم بها بعض العناصر لبث الشوفينية المناهضة للعرب في الحركة من أجل تحقيق الترابط مع النضالات القاعدية في المنطقة

كل التضامن مع التظاهرات الشعبية في إيران!

بيان من تحالف الاشتراكيين/ات في الشرق الأوسط

11 كانون الثاني/يناير 2018

منذ 28 كانون الأول/ديسمبر 2017، هزت جمهورية إيران الإسلامية موجة من التظاهرات الاجتماعية لم يسبق لها مثيل منذ الحركة الخضراء عام 2009. وقد اندلعت التظاهرات في مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية بالقرب من الحدود الشمالية الشرقية. عارض المتظاهرون/ات ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة الفقر ودعوا/ن إلى وضع حد للتدخل العسكري في سوريا ولبنان. وانتشرت التظاهرات بسرعة في أكثر من 100 مدينة وقرية في مختلف أنحاء إيران، من بينها العاصمة طهران.

وحتى الآن، قتل ما لا يقل عن 22 شخصا (3 من بينهم في المعتقل) وألقت قوى الأمن العنيفة القبض على أكثر من 3700 شخص من بينهم/ن 1000 في مدينة الأهواز الجنوبية، وشاركت الكثير من النساء بنشاط في التظاهرات. كما أوقف النظام الاستبدادي خدمتي تيليغرام وانستاغرام المستعملتين على نطاق واسع، وعرقل الوصول إلى الانترنت. كما اعتقل النظام ما لا يقل عن 100 معتقل/ة من الطلاب، وخاصة اليساريين/ات والتقدميين/ات، تم الإفراج عن بعضهم/ن لاحقا. وحاصرت القوى الأمنية الجامعات واقتحمتها في بعض الحالات. ويجري البحث عن طلاب آخرين ومناضلين/ات نقابيين/ات اختطفوا من منازلهم/ن. ومن المحتمل أن يتعرض المعتقلون/ات للتعذيب في السجون.

واتهم النظام الإيراني، تماما كما بقية الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، المتظاهرين/ات بأنهم/ن جزء من مؤامرة دولية تقودها الولايات المتحدة والسعودية والكيان الصهيوني.

وقد اندلعت التظاهرات بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وخاصة الفقر والبطالة والقمع السياسي، وانعدام الحريات الديمقراطية؛ مثل حرية التعبير والتجمع. بالإضافة إلى ذلك، فإن التمييز ضد النساء والأقليات القومية والدينية يزيد من حدة المعارضة لدى السكان المتنوعين إثنيا؛ 87 بالمئة منهم/ن غير أمي/ة ومرتبطين بالعالم من خلال شبكة الانترنت. يعيش 40 بالمئة من السكان تحت خط الفقر النسبي ويعمل 90 المئة من العمال/ات الإيرانيين/ات بالتعاقد دون أن يتمتعوا/ن بأي حق أو منفعة. ويبلغ الحد الأدنى للأجور 230 $ بالشهر لا يكفي سوى خُمْس ما يلزم أسرة مكونة من أربعة أشخاص. وجرى إلغاء العديد من الإعانات الغذائية والخدمات الأساسية بين عامي 2010 و2014، خلال عهدي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني. وفي الوقت عينه ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية. وقد خفضت حصة الرعاية الصحية من الميزانية العامة. وبدأت أسعار الطاقة بالارتفاع. كل هذا، إلى جانب ارتفاع نسبة التضخم العام (12 بالمئة بحسب النظام، 40 بالمئة في الواقع) يشكل ضربة للقوة الشرائية للعمال/ات وأفقر شرائح المجتمع.

في الوقت نفسه، تذهب مليارات الدولارات من الموازنة إلى المؤسسات المرتبطة بحرس الثورة الإسلامية، وغير الخاضعة للمساءلة والمعفاة من الضرائب وهي من أكبر شركات الهولدينغ في الشرق الأوسط. يدير هذه المؤسسات أو “المؤسسات شبه الحكومية” كبار النافذين في النظام وقياديو الحرس الثوري الإيراني. كما يستحوذون على أكثر من 80 بالمئة من الاقتصاد الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، عام 2013 كان خامنئي يسيطر على حوالي 95 مليار دولار من خلال سيتاد (المكتب التنفيذي لأوامر الإمام). للسيتاد حصصا في كل قطاع تقريبا من اقتصاد البلد، من التمويل إلى النفط، إلى العقارات والاتصالات.

أجزاء كبيرة من الأرباح التي تقتطعها الدولة/الحرس الثوري الإيراني من قوة عمل العمال/ات الإيرانيين/ات تنفقها على التدخل العسكري المباشر وغير المباشر وعلى الدعاية الأيديولوجية في المنطقة، فضلا عن تمويل قوى الأمن/الشرطة/الباسيج داخل البلاد.

وقد سبق الاحتجاجات الأخيرة سنة حافلة بالتحركات والإضرابات العمالية التي نظمها العمال ضد عدم دفع الرواتب وظروف العمل القاسية، وقد نظم هذه التحركات المتقاعدون/ات المفقرون/ات، والمعلمون/ات، والممرضون/ات، بالإضافة إلى أولئك الذين/اللواتي فقدوا/ن مدخراتهم/ن الضئيلة في المصارف والمؤسسات المالية المفلسة. وقد بدأ العديد من السجناء السياسيين، بمن فيهم القائد النقابي، رضا شهابي، إضرابا عن الطعام، المسجون منذ العام 2010.

وقد أعلن بيانان صادران عن نقابات مستقلة تأييدهما للتظاهرات الشعبية الأخيرة. وقد أصدر هذان البيانان اتحاد عمال حافلات طهران واتحاد عمال هافت تابي لقصب السكر، بالإضافة إلى خمس منظمات عمالية مستقلة (الاتحاد الحر لعمال إيران، رابطة عمال الكهربائيين والتعدين في كرمنشاه، ورابطة الرسامين في مقاطعة البرز، ومركز المدافعين/ات عن العمال، ولجنة متابع تأسيس النقابات العمالية). نحن ندعم وجهة نظرهم التي يمكن تلخيصها في المقطع التالي:

“نحن نقف إلى جانب الجماهير المتزايدة في إيران التي تهتف ما يجب أن يكون واضحا: مطالبنا هي وضع حد للفقر والبؤس؛ يجب أن يتوقف كل قمع وسجن؛ يجب إطلاق سراح كل المعتقلين/ات السياسيين/ات، يجب محاكمة كل المسؤولين/ات عن نهب الثروة الاجتماعية والمسؤولين/ات عن القمع ومحاكمتهم/ن، بغض النظر عن موقفهم/ن؛ ينبغي إعادة الثروات التي سرقتها المؤسسات المالية من الناس؛ يجب زيادة الحد الأدنى للأجور للعمال/ات في القطاعين العام والخاص خمسة أضعاف؛ يجب تخفيض دخل السلطات الحكومية الضخم؛ يجب ضمان حق العمال/ات بتكوين نقاباتهم/ن المستقلة ومنظمات مدنية وحرية التعبير غير المشروط وحرية الصحافة وحرية الأحزاب السياسية وتحقيق مطالب الملايين من الجماهير الإيرانية”.

وقد رفع أغلبية المتظاهرين/ات شعارات ضد جميع أقسام النظام الاستبدادي، سواء “الإصلاحيين” أو المتشددين، وطالبوا/ن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة التي جسدها شعار “خبز، شغل، حرية”. وعلى الرغم من أن موجة التظاهرات قد انحسرت بعد أسبوعين بسبب ضغط قمع الدولة، فقد تحول النضال الآن باتجاه الإضراب عن العمل وغيرها من التحركات في المصانع. كما يساند علنيا الاحتجاجات العديد من النسويات والمعلمين/ات وعائلات السجناء السياسيين/ات، والعديد من المفكرين/ات والفنانين/ات. فضلا عن تنظيم اعتصام احتجاجي لأهالي السجناء السياسيين/ات أمام سجن إيفين وسجون أخرى للمطالبة بإطلاق سراح أولادهم/ن.

كما كان هو الحال في الانتفاضات والمظاهرات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ عامي 2010- 2011، فإن هذه التظاهرات هي رد فعل على كل من الإفقار الاقتصادي والقمع السياسي والاجتماعي. كما تتميز بمعارضة التدخلات العسكرية للنظام الإيراني في بلدان أخرى في المنطقة، وخاصة في سوريا، وتجسد ذلك في الشعار: “اتركوا سوريا، اهتموا بنا”.

لا يمكن إصلاح جمهورية إيران الإسلامية. منذ عام 1979 تحولت الثورة الإيرانية بسرعة إلى ثورة مضادة، وتعرض الشباب والنساء والعمال/ات الإيرانيون/ات لنظام رأسمالي ورجعي وثيوقراطي يقمع ويعذب ويصفّي منافسيه جسديا وبشكل ممنهج.

لهذا السبب، ندعم، في تحالف الاشتراكيين/ات في الشرق الأوسط، الاحتجاجات الشعبية في إيران ونطالب التقدميين/ات في المنطقة وجميع أنحاء العالم بالتضامن معهم/ن أيضا. ونعتقد أيضا أنه من الضروري القصوى بناء تضامن إقليمي وعالمي مع النضال المناهض للاستبداد من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة، ومعارضة النظام الأبوي والعنصرية والتمييز الطائفي أو المعادي لمجتمع الميم. ونأمل أن تؤدي هذه الاحتجاجات في إيران إلى إجبار النظام الإيراني على سحب دعمه العسكري والمالي لنظام بشار الأسد الإجرامي في سوريا، وإنهاء تدخلاته الرجعية في المنطقة. ونأمل أيضا أن تُرفَض الجهود التي تقوم بها بعض العناصر لبث الشوفينية المناهضة للعرب في الحركة من أجل تحقيق الترابط مع النضالات القاعدية في المنطقة.

نحن نعارض جميع التدخلات الامبريالية الأجنبية، ونطالب برفع العقوبات المفروضة على إيران، التي تضر في المقام الأول الطبقات الشعبية.

ونطالب بإطلاق سراح جميع المتظاهرين/ات والنقابيين/ات وغيرهم/ن من السجناء السياسيين/ات.

كل التضامن مع التظاهرات الشعبية في إيران من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلمانية!

كل التضامن مع رفاقنا ورفيقاتنا!

لا للرأسمالية! لا للبطريركية! لا للعنصرية! لا للطائفية! نعم لوحدة الطبقات الشعبية!

مصيرنا وتحررنا مترابطان!

* البيان باللغة الانكليزية على موقع تحالف الاشتراكيين/ات في الشرق الأوسط

المصدر:  المنشور

http://www.al-manshour.org/node/7962