بعد خمس سنوات من الثورة السورية، ما يزال العديد من الإيرانيين يتساءلون لماذا تحولت ثورة شعبية طالبت بالديمقراطية والعدالة والمساواة إلى هولوكوست للشعب السوري. لماذا تمكن نظام بشار الأسد الفاشي من البقاء في السلطة؟ لماذا وكيف نمت الطائفية والأصولية الدينية؟ كيف صعدت داعش؟ ما دور الحكومية الإيرانية في نشأة هذه الكارثة الحالية؟ ما الذي يمكن فعله لعكس مسار الأحداث الحالي؟

هذا الكتاب تفسير موثّق جيداً وقادر على الإجابة على هذه الأسئلة بطريقة مرضية. روبن-ياسين قصّاب، وهو معلّق إعلامي على الشأن السوري ومؤلف الرواية الشهيرة الطريق إلى دمشق، مع ليلى الشامي، المدوّنة التي تشتغل في مجال حركات حقوق الإنسان في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، تعاونا معاً على كتابة عمل يقدّم مادّة أوّلية عظيمة الشأن، ويعرض معرفة مفصّلة بالكفاح السوري من أجل العدالة الجتماعية، وأخيراً بناقش بصراحة نقاط ضعف ومحدودية الثورة السورية

Robin Yassin-Kassab and Leila Al-Shami. Burning Country: Syrians in Revolution and War. Pluto Press, 2016..

بقلم: فريدا أفاري

تم نشر هذه المراجعة لأول مرة بالفارسية في موقع راديو زمانه، موقع ومحطة راديو مختصَّين بحقوق إنسان، ناطقَين بالفارسية ومقرّهما أمستردام

بعد خمس سنوات من الثورة السورية، ما يزال العديد من الإيرانيين يتساءلون لماذا تحولت ثورة شعبية طالبت بالديمقراطية والعدالة والمساواة إلى هولوكوست للشعب السوري. لماذا تمكن نظام بشار الأسد الفاشي من البقاء في السلطة؟ لماذا وكيف نمت الطائفية والأصولية الدينية؟ كيف صعدت داعش؟ ما دور الحكومية الإيرانية في نشأة هذه الكارثة الحالية؟ ما الذي يمكن فعله لعكس مسار الأحداث الحالي؟

هذا الكتاب تفسير موثّق جيداً وقادر على الإجابة على هذه الأسئلة بطريقة مرضية. روبن-ياسين قصّاب، وهو معلّق إعلامي على الشأن السوري ومؤلف الرواية الشهيرة الطريق إلى دمشق، مع ليلى الشامي، المدوّنة التي تشتغل في مجال حركات حقوق الإنسان في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، تعاونا معاً على كتابة عمل يقدّم مادّة أوّلية عظيمة الشأن، ويعرض معرفة مفصّلة بالكفاح السوري من أجل العدالة الجتماعية، وأخيراً بناقش بصراحة نقاط ضعف ومحدودية الثورة السورية.

أ. ما حصل خلال السنة الأولى من الثورة السورية

ب. ما الذي قاد إلى تنامي الطائفية؟

ج. لماذا وكيف تنامت الأصولية الإسلامية والسلفية الجهادية؟

د. لماذا وكيف تدخلت الحكومة الإيرانية في سوريا؟

«الشعب الذي تجرأ على طلب الحرية ووجه طلبه بالإبادة» قصّاب والشامي (ص. 224)

يؤكّد الكاتبان على أنه، رغم سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها النظام، ورغم حصاره للمدن وتجويعه الناس بهدف تركيعهم، ورغم استعماله المتكرر للبراميل المتفجرة، العديد من الناس في حلب والزبداني وحمص وكفرنبل ومدن أخرى كبيرة وصغيرة أظهروا أفعالاً تضامنية بطولية، وحاولوا العثور على طرق لتحدّي الطائفية والأصولية الدينية. بعد آذار 2011، أكثرية السوريين تجرأوا على الكلام ووجدوا صوتهم الذي كان مخنوقاً لحوالى نصف قرن من الحكم البعثي التسلّطي.

الكاتبان أيضاً كانا نقديَّين لمحدوديات الثورة السورية ويظهران بصراحة كيف سمحت هذه المحدوديات والتناقضات للطائفية والأصولية الدينية بالتنامي. يعترفان أيضاً أن فشل الكثرة الكاثرة من المعارضة السورية بالاعتراف بحق الكرد بتقرير المصير، ورفضهم النظر في الفيدرالية، أضعف الثورة بشدّة. في الوقت نفسه، يشيران إلى التناقض بين المديح الانتفائي واللانقدي بشدّة الذي يقدّمه اليسار العالمي لتجربة رۆژاڤا (كردستان سوريا) ورفضه في الوقت نفسه للاعتراف بمحاولات تأسيس مجالس ثورية في مناطق أخرى من سوريا عامَي 2011 و2012.

قصّاب والشامي نقديّان بقوّة لمعظم اليسار في العالم بسبب تجاهله المطالب الأصلية للثورة السورية وبسبب دعمهم، بشكل صريح أو موارب، للنظام السوري باسم معارضة الإمبريالية الغربية. يجادل الكاتبان بأن معظم اليساريين في الحقيقة كانوا منسجمين مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، ومع روسيا والصين وإيران والسعودية وتركيا ودول الخليج العربية، وكلها تريد الحفاظ على النظام التسلطي القائم بطريقة أو بأخرى، مع أو بدون الأسد.

تبقى حقيقة أن النظام السوري مسؤول عن الأكثرية الساحقة من حوالى نصف مليون قتيل خلال السنوات الخمس الماضية. أكثر من ذلك، سجن النظام حتى الآن ما يفوق 150,000 وكان السبب الرئيس لتهجير حوالي 13 مليون ممن أصبحوا نازحين في الداخل أو لاجئين في الخارج.

ورغم أن معظم الإيرانيين رحّبوا بالثورة السورية في آذار 201، وتماهَوا مع مطالبتها بالعدالة الاجتماعية وأمِلوا بان تلهم الجموع الإيرانية، البعض منهم أصبحوا اليوم أكثر قبولاً لدعاوى النظام الإيراني بأن التدخل العسكري الإيراني في سوريا ضروري لمنع داعش من الوصول إلى إيران. بعضهم ضمن اليسار الإيراني يدعم دعوى أن «الأسد هو أهون الشرَّين».

كتاب قصّاب والشامي يدحض هذه الدعاوى ويبيّن أن الحكومة الإيرانية لعبت دوراً كبيراً ليس فقط في دعم مجازر نظام الأسد بل أيضاً في خلق الشروط التي أدت لظهور داعش. يجادل الكاتبان بأنه إذا انتهى الدعم العسكري والاقتصادي لنظام الأسد، وإذا تم تقديم دعم كافٍ تقدّمي وغير حكومي من المنظمات والداعمين للناس الذين يعارضون كلاً من نظام الأسد والجهاديين، «الكثيرون جداً من السوريين المعتدلين وذوي الفكر السليم ما زالوا يمتلكون الأعصاب الكافية للمعركة حتى لو كان معظمهم في المنفى. حين تتوقف القنابل عن السقوط أخيراً، وحين تكفّ حواجز داعش وحواجز النظام عن التهديد بالموت، هؤلاء الناس سيعودون ويرفعون أصواتهم من أجل مستقبل أفضل» (ص. 220).

يستنتج الكاتبان أن فشل الثورة السورية لا يعني أن فكرة الثورة الاجتماعية يجب إلغاؤها. الثورات ستستمر بالظهور لأن فرانز فانون يقول «نحن نثور ببساطة لأننا لا نعود قادرين على التنفّس».

خلال الثورة السورية في 20111،شهدنا مشاركة واسعة للطبقة العاملة والنساء والشباب والكرد في نضال من أجل العدالة الاجتماعية. للأسف كانت ضآلة التضامن الدولي الشعبي وغير الحكومي، بالإضافة لوحشية النظام والتدخل العسكري لإيران وروسيا دفاعاً عن هذا النظام، مع صعود الطائفية والأصولية الدينية والجهادية وبمساعدة نظام الأسد والسعودية ودول الخليج العربية وتركيا، كل ذلك أدّى إلى الكارثة.

الآن، من واجب كل التقدميين الإيرانيين أن يتخذوا موقفاً من تدخل حكومتهم في سوريا، وأن يعثروا على طرق للوصول إلى التقدميين السوريين. هذا ضروري ليس فقط لمساعدة السوريين بل لمساعدة الإيرانيين. طالما استمر النظام الإيراني في تدخله في سوريا، سيستطيع أن يقمع نضالات العدالة الاجتماعية في إيران أكثر فأكثر. أكثر من ذلك، التعلم من تجارب الثورة السورية ونقاط ضعفها ومحدوديتها، والذي أدى إلى كارثة اليوم، سيجبرنا على التعاطي مع المشكلات والتناقضات داخل نضالات العدالة الاجتماعية في إيران.

بقلم: فريدا أفاري

تم نشر هذه المراجعة لأول مرة بالفارسية في موقع راديو زمانه، موقع ومحطة راديو مختصَّين بحقوق إنسان، ناطقَين بالفارسية ومقرّهما أمستردام

درس‌های انقلاب سوریه برای ایرانیان