سأبدأ بعرض بعض الحقائق الاقتصادية حول إيران اليوم، وسأجري تقييما نقديا للتحليلات التي قدمها مختلف الاقتصاديين الإيرانيين، وسأشدد في الختام على أهمية تطوير بديل إنساني عن الرأسمالية/العسكرة.

فريدا عفاري

مترجم:  نضال مفيد

فيما يلي موجزا لعرض قدمته لإذاعة هامباستيجي (Hambastegi)، وهي إذاعة يسارية نسوية باللغة الفارسية مقرها في ستوكهولم- السويد. وجرى تسجيله يوم 3 أيار/مايو وبثّ يوم 24 حزيران/يونيو في إطار سلسلة من الحلقات تتناول الاقتصاد الإيراني.

الرابط الالكتروني للإذاعة (باللغة الفارسية): http://www.radiohambastegi.se/

الرابط الالكتروني للعرض الذي قدمته (باللغة الانكليزية): http://allianceofmesocialists.org/discerning-particular-features-islamic-republics-capitalism-posing-need-humanist-alternative-capitalismmilitarism/

سأبدأ بعرض بعض الحقائق الاقتصادية حول إيران اليوم، وسأجري تقييما نقديا للتحليلات التي قدمها مختلف الاقتصاديين الإيرانيين، وسأشدد في الختام على أهمية تطوير بديل إنساني عن الرأسمالية/العسكرة.

يتم اعتبار اقتصاد الجمهورية الإسلامية رأسمالية دولة اكتسبت سماتها هذه بسبب مجموعة متعددة من العوامل التاريخية والاجتماعية. إن سيطرة الحرس الثوري الإسلامي على الاقتصاد الإيراني يعبر اليوم عن اتجاه يمكن ملاحظته في الاقتصادات الناشئة. ففي هذه الأخيرة، لا تنفصل الدولة عن الجيش. في الواقع، يُسجل حضور الدولة/الجيش في كل مكان.

لم يكن نقل رأس المال من الدولة إلى القطاع شبه الحكومي (الحرس الثوري الإسلامي) بهدف تطبيق اللامركزية، إنما من أجل تحرير الدولة من الحد الأدنى من الحقوق والفوائد التي وفرها الدستور للقوى العاملة في القطاع الحكومي. وقد أتاح نقل رأس المال من القطاع الحكومي إلى القطاع شبه الحكومي للحكومة/الدولة بمواصلة استغلال القوى العاملة دون أي تنظيم، وإنفاق الجزء المتزايد من القيمة الفائضة المستخرجة من القوى العاملة على التدخلات العسكرية في المنطقة وعلى القمع الداخلي.

يدعو معظم الاقتصاديين الإيرانيين الدولة إلى مكافحة الفساد داخل الحرس الثوري الإسلامي، والمطالبة بتطبيق رأسمالية فعالة. لكن هذا لن يؤدي إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومكافحة الاستغلال، إنما على العكس من ذلك، يمكن أن يؤدي ببساطة إلى قيام رأسمالية عسكرية.

والحلول التي قدمها الاقتصاديون الإيرانيون ترتكز بشكل أساسي على مزيج من رأسمالية الدولة والرأسمالية الخاصة وتستند إما إلى النموذج الصيني أو إلى نموذج أكثر ديمقراطية يشمل تحقيق الإصلاح الضريبي وزيادة الخدمات الحكومية.

هذه الحلول لن تعالج مسألة التسليع الرأسمالي بالمعنى الماركسي للاغتراب في العمل والحياة والعلاقات الإنسانية. فالاغتراب هو الذي يميز الرأسمالية سواء سيطر عليها الرأسماليون أو الدولة.

وبالنظر إلى تجارب رأسماليات الدولة في الأنظمة الشمولية في الاتحاد السوفياتي والصين الماوية، والأشكال الاستبدادية في الصين وروسيا اليوم، وإلى إخفاق نموذج دول الرعاية في رأسماليات الدولة، يمكن للمرء أن يجادل بأن اقتراح رأسمالية الدولة ليس حلا واقعيا. نحن بحاجة إلى بديل يتجاوز هذه الثنائية، الرأسمالية الخاصة/رأسمالية الدولة، ويتجاوز نمط الانتاج الرأسمالي الاغترابي.

في هذه المرحلة، إن الخطوة العملية الأكثر إلحاحا باتجاه إقامة البديل التدريجي هي إقامة التضامن الإقليمي والعالمي ضد العسكرة. بمواجهة أزمة الاقتصاد الحالي في إيران وفي ظل صعود موجة من النيو-فاشية على نطاق عالمي، لا يمكن للاشتراكيين/ات الإيرانيين/ات المضي قدما دون اتخاذ موقف ضد التدخل العسكري الإيراني في سوريا. دعم الحكومة الإيرانية لحرب نظام الأسد التدميرية لثورة الشعب السوري هو أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى مقتل أكثر من نصف مليون سوري/ة وتشريد 12 مليون مواطن/ة، أي نصف السكان، خلال السنوات الست الماضية. هذا التدخل العسكري هو أيضا أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى تنامي تنظيمي داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الجهادية. ويتحتم على الاشتراكيين/ات الإيرانيين/ات اتخاذ موقف ليس فقط ضد الامبريالية الأميركية، وضد السياسات الإمبريالية للاحتلال الإسرائيلي وتركيا والسعودية ودول الخليج، إنما أيضا ضد الامبريالية الإقليمية لإيران وكذلك ضد الامبريالية العالمية الروسية والصينية. نحن بحاجة إلى التواصل مع الشعب السوري ومع اللاجئين/ات السوريين/ات الذي/اللواتي يعارضون/ن نظام الأسد وداعش والقاعدة. وينبغي أن يكون هدفنا تطوير التضامن مع جميع النضالات من أجل العدالة الاجتماعية ومن أجل تحرر المرأة ونضالات الكورد والبهائيين/ات والأقليات المضطهدة الأخرى ومن ضمنها الأقليات الجنسية. من دون هذا التضامن، من المستحيل إيجاد بديل إنساني للرأسمالية.

3 أيار/مايو 2017

 فريدا عفاري، مترجمة وأمينة مكتبة أميركية- إيرانية تعيش في الولايات المتحدة. وهي تنتج مدونة

Iranian Progressives in Translation

وهي عضوة في تحالف الاشتراكيين/ات السوريين/ات والإيرانيين/ات.